السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من روائع الإعجاز الغيبي للقرآن
( سَيُهْزَمُ الجَمْعُ ويُوَلّونَ الدُّبُر )
من روائع الإعجاز الغيبي للقرآن
( سَيُهْزَمُ الجَمْعُ ويُوَلّونَ الدُّبُر )
في المرحلة الأولى من مراحل الدعوة الإسلامية - أثناء وجود المسلمين في مكة المكرمة وقبل هجرتهم إلى المدينة المنورة – لم يكن الله تعالى قد شرع لهم القتال بعد ، وإنما كان أمر الله للمسلمين هو الصبر على الأذى وتحمّل المشاق في سبيل توصيل كلمة الله للناس ، وكانت الآيات القرآنية تنزل آمِرَةً بذلك مثل قوله تعالى " قُلْ للذين آمَنوا يغْفِروا للذين لا يَرْجُونَ أيّامَ الله " آية 14 – من سورة الجاثية . ومثل قوله تعالى " فاصْفَح عنه وقُلْ سلامٌ فسوْف يعلمون " 89 – من سورة الزخرف .
ولكن في نفس الوقت كانت بعض الآيات تنزل مُخبرة بأن الأمر لن يظل على ماهو عليه من الصبر وتحمل الأذى دون إبداء رد فعل ، بل كانت بعض الآيات تنزل وفيها تهديد للذين يُؤذون المسلمين ، وآيات فيها بشارات للمسلمين بأنهم سيكونون أصحاب الأمر والكلمة العليا في نهاية المطاف ، وآيات تخبر بأن سيكون هناك قتال بين المسلمين وأعدائهم وأن الغلبة ستكون للمسلمين في نهاية الأمر ، وهي آيات كانت تثير العجَب والدهشة لدى المسلمين الذين كانوا محاصَرين في شِعب أبي طالب لا يجدون ما يقتاتون به والأخطار محدقة بهم من كل جانب لا يستطيعون الخروج وإلا اختطفتهم أيدي المشركين ، ففي مكة نزل قوله تعالى في سورة المُزّمّل " عَلِمَ أنْ سيَكونُ منكم مَرْضى وآخرون يُقاتِلون في سبيل الله فاقرأوا ما تَيَسّر منه .... ( أي من القرآن ) " الآية 20 . قال ابن كثير في تفسيره عند هذه الآية : أي عَلِمَ أن سيكون من هذه الأمة ذوو أعذار في ترك قيام الليل من مرضى ومسافرين ... ، وآخرين مشغولين بما هو الأهم في حقهم وهو الغزو في سبيل الله ، ويكمل ابن كثير كلامه فيقول : وهذه الآية ، بل السورة كلها مكيّة ، ولم يكن القتال شُرِعَ بعد ، فهي من أكبر الدلائل على النبوة لأنه من باب الإخبار بالمغيبات المستقبلة . انتهى كلام ابن كثير .
وفي مكة أيضًا نزل قوله تعالى : " ولقد سَبَقَتْ كلِمَتُنا لِعِبادِنا المُرْسَلين . إنّهم لَهُمُ المنصورون . وإنّ جُنْدَنا لَهُمُ الغالِبون . فتَوَلّ عنهُم حَتى حِين . وأبصِرْهُم فسوف يُبْصِرون " من سورة الصافات ، الآيات من 171 – 175 . قال في التفسير : أي اصبر على أذاهم لك وانتظر إلى وقت مُؤجّل .. وقال أيضًا : أي أنْظِرْهم وارتقب ماذا يحل بهم من العذاب والنكال ، ولهذا قال الله تعالى على وجه التهديد والوعيد " فسوف يُبْصِرون " انتهى .
وفي مكة نزلت الآية التي أثارت الدهشة والعجب مما أخبرت عنه ، قبل أول موقعة بين المسلمين والكفار ، قبل موقعة بدر بسبع سنين نزلت آية تخبِر أن الكفار سينْهَزمون وسوف يَفِرّون من أمام المسلمين ، ولم يكن هناك ثَمّةَ قتال ، وكان حال المسلمين قد بلغ من الضعف مبلغًا يصعب معه تصديق مثل هذه النبوءة إلا على من كان راسخ الإيمان بأن هذا الكلام هو كلام الله ، فكانت الآية بمثابة اختبار لقوة إيمان المؤمنين .
أخرج ابن أبي حاتم عن عِكرِمة قال : لما نزل قوله تعالى " أمْ يقولون نَحْنُ جميعٌ مُنْتصِر . سَيُهْزَمُ الجَمْعُ ويُوَلّون الدُّبُر " 44- 45 من سورة القمر ، قال عمر بن الخطاب : أيُّ جَمْعٍ ( هذا الذي ) يُهْزَم ؟ !! ، قال عمر : فلما كان يوم بدر رأيتُ النبي يَثِبُ في الدّرْع وهو يقول " سَيُهْزَمُ الجَمْعُ ويُولُّون الدُّبُر" فعرفتُ تأويلَها يومئذ . وأخرج البخاري عن يوسف ابن ماهك قال : إني عندعائشة أم المؤمنين فقالت : نزل على محمد بمكة وإني جارية ألعَبُ " سيُهْزَمُ الجمع ... " الآية . وروى البخاري أيضًا عن ابن عباس : كان بين نزول هذه الآية وبين بدر سبع سنين . وروى البخاري أيضًا عن ابن عباس أن النبي قال وهو في قُبّة له يوم بدر ( يدعو ربّه ) : أنشدك عهدك ووعدك ، اللهم إن شئتَ لم تُعبد بعد اليوم في الأرض أبدًا ، فأخذ أبوبكر رضي الله عنه بيده وقال : حسْبُك يا رسول الله ، ألْحَحْتَ على ربك ، فخرج ( النبي ) وهو يثب في الدرع وهو يقول : " سَيُهْزَمُ الجمْعُ ويُوَلّون الدّبُر" .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
وفي المدينة المنورة – وبعد أن أصبح للمسلمين شوكة ومنعة – نزل قول الله تعالى " أُذِنَ للذين يُقاتَلون بأنّهُم ظُلِموا ، وإنّ اللهَ على نصْرِهِم لَقَدير " 29 – الحج .
قال ابن جرير الطبري في تفسيره عن ابن عباس : لما أُخرِجَ النبي من مكة قال أبوبكر : أَخرَجوا نبِيّهم !! ، إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، لَيُهْلَكُنّ ، فأنزل الله تعالى قوله : " أُذِنَ للذين يُقاتَلون بأنّهم ظُلِموا ..." الآية ، قال أبو بكر : فعرفت أن سيكون قتال ، وهي أول آية نزلت في القتال .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ
لقد رأينا أن القرآن قد تنبّأ بغلبة المسلمين على أعداء دعوتهم – من قبل حتى أن يُشرع القتال – وقد تجلّى نصر الله للمؤمنين بشكل يبلغ درجة التحدي السافر في يوم سمّاه القرآن ( البطشة الكبرى ) في قول الله تعالى " يومَ نَبْطِشُ البطشَةَ الكبرى إنّا مُنتَقِمون " قال المفسّرون أن هذه البطشة كانت يوم بدر وهو من حديث ابن مسعود الذي رواه البخاري وغيره .
وإذا علِمْنا بعض التفصيلات عن وقائع هذا اليوم ، وعلمنا الفارق الكبير بين عدد المسلمين يومها وعدد أعدائهن لَتَجلّت لنا صورة التحدي القرآني في قوله تعالى " إنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقومُ الأشهاد " ، وفي قوله تعالى " وكان حقًّا عليْنا نصرُ المؤمنين "
تذكر كتب السيرة والحديث أن رسول الله خرج مع نفر من أصحابه طالبًا لعير أبي سفيان ( قافلة تحمل البضائع ) التي بلغه أنها صادرة من الشام فيها أموال جزيلة لقريش ، ( لعله يعوض بعضًا مما استولت عليه قريش من أموال المسلمين حين كانوا في مكة قبل أن يجبرهم المشركون على تركها لهم والفرار بدينهم إلى المدينة مهاجرين ) واستنهض رسول الله المسلمين مَن خفّ منهم فخرج في ثلاثمائة وأربعة عشر رجلا ، وطلب نحو الساحل من على طريق بدر ، وعلِم أبوسفيان بخروج رسول الله في طلبه ، فبعث ضمضم بن عمرو نذيرًا إلى أهل مكة فنهضوا في قريب من ألف مُقنع ، مابين التسعمائة والألف ، وتيَامَنَ أبو سفيان بالعير إلى ساحل البحر فنجا ، وجاء النفير ( الجيش – جيش المشركين ) فوردوا ماء بدر ، وجمع الله بين المسلمين والكافرين من غير ميعاد .
وكان الله عز وجل قد أوحى إلى نبيّه حين علم بخروج النفير ، أوحى إليه يعده إحدى الطائفتين : إما العير ( أي الحصول على ما في القافلة من البضائع ) وإما النفير ( أي الانتصار على جيش الكافرين ) ، ورغب كثير من المسلمين في العير لأنه كسب من غير قتال كما قال الله تعالى " وإذ يعِدُكُم اللهُ إحدى الطّائِفَتَيْنِ أنها لكُم ، وتَوَدّون أنّ غَيْرَ ذاتِ الشّوْكَةِ تكونُ لكم ... " 7 – الأنفال .
أخرج مسلم في صحيحه عن عمر بن الخطاب قال : لما كان يوم بدر نظر النبي إلى أصحابه وهم ثلاثمائة ونيف ، ونظر إلى المشركين فإذا هم ألف وزيادة ، فاستقبل القبلة وعليه رداؤه وإزاره تم قال : " اللهم أنجز لي ما وعدتني ، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام فلا تعبد في الأرض أبدًا " فما زال يستغيث ربه ويدعوه حتى سقط رداؤه عن منكبيه ، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فردّه ثم التزمه من ورائه ثم قال : يانبي الله كفاك مُناشَدَتَك ربك فإنه سيُنْجِزُ لك ما وعدك ، فأنزل الله تعالى : " إذ تسْتَغيثون ربّكم فاستَجاب لكم أنّي مُمِدّكم بألفٍ من الملائكة مُرْدِفين ، وما جَعَلَه الله إلا بُشْرى لكم ، ولِتطْمَئن به قلوبُكم ، وما النصرُ إلا مِن عند الله ... " الأنفال – 10 ، فلما كان يومئذ ، التَقَوْا فهزم الله المشركين فقتل منهم سبعون رجلا وأُسر منهم سبعون رجلا .. انتهى .
وقد ورد في الصحيح أن رسول الله لما كان يوم بدر في العريش مع أبي بكر الصديق وهما يدعوان أخذت النبي سِنَة من النوم ثم استيقظ مبتسمًا فقال : " أبشر يا أبا بكر ، هذا جبريل على ثنايا النقع " فخرج من العريش وهو يتلو قوله تعالى : " سَيُهْزَمُ الجمْعُ ويُوَلّون الدّبُر "
هذه البشارة أو النبوءة بأن الملائكة سوف يقاتلون مع المؤمنين كانت تأكيدًا لقوله تعالى : " وما النّصْرُ إلا من عند الله " ، وقد صدق الله رسوله هذه النبوءة بما شهد به المشركون أنفسهم بأن الملائكة كانت تقاتل مع المؤمنين ، وبأن هذا النصر كان بقوة خارجة عن نطاق المعقول وخارجة عن نطاق الحسابات البشرية وحسابات موازين القوى . روى محمد بن اسحق في سيرته من حديث أبي رافع : أن أبا سفيان عاد إلى مكة بعد المعركة وجلس مع أبي لهب – الذي لم يكن قد شارك في المعركة – وقال له : ماهو إلا أن لقينا القوم فمنحناهم أكتافنا يقتلوننا كيف شاءوا ، ويأسِروننا كيف شاءوا ، وأيم الله مع ذلك ما لُمْتُ الناس ، فقد لقينا رجال بيض على خيل بلق بين السماء والأرض ، والله ما تليق شيئا ، ولا يقوم لها شيء ( يقصد الملائكة ) .
قال ابن جرير الطبري في تفسيره عن ابن عباس : لما أُخرِجَ النبي من مكة قال أبوبكر : أَخرَجوا نبِيّهم !! ، إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، لَيُهْلَكُنّ ، فأنزل الله تعالى قوله : " أُذِنَ للذين يُقاتَلون بأنّهم ظُلِموا ..." الآية ، قال أبو بكر : فعرفت أن سيكون قتال ، وهي أول آية نزلت في القتال .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ
لقد رأينا أن القرآن قد تنبّأ بغلبة المسلمين على أعداء دعوتهم – من قبل حتى أن يُشرع القتال – وقد تجلّى نصر الله للمؤمنين بشكل يبلغ درجة التحدي السافر في يوم سمّاه القرآن ( البطشة الكبرى ) في قول الله تعالى " يومَ نَبْطِشُ البطشَةَ الكبرى إنّا مُنتَقِمون " قال المفسّرون أن هذه البطشة كانت يوم بدر وهو من حديث ابن مسعود الذي رواه البخاري وغيره .
وإذا علِمْنا بعض التفصيلات عن وقائع هذا اليوم ، وعلمنا الفارق الكبير بين عدد المسلمين يومها وعدد أعدائهن لَتَجلّت لنا صورة التحدي القرآني في قوله تعالى " إنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقومُ الأشهاد " ، وفي قوله تعالى " وكان حقًّا عليْنا نصرُ المؤمنين "
تذكر كتب السيرة والحديث أن رسول الله خرج مع نفر من أصحابه طالبًا لعير أبي سفيان ( قافلة تحمل البضائع ) التي بلغه أنها صادرة من الشام فيها أموال جزيلة لقريش ، ( لعله يعوض بعضًا مما استولت عليه قريش من أموال المسلمين حين كانوا في مكة قبل أن يجبرهم المشركون على تركها لهم والفرار بدينهم إلى المدينة مهاجرين ) واستنهض رسول الله المسلمين مَن خفّ منهم فخرج في ثلاثمائة وأربعة عشر رجلا ، وطلب نحو الساحل من على طريق بدر ، وعلِم أبوسفيان بخروج رسول الله في طلبه ، فبعث ضمضم بن عمرو نذيرًا إلى أهل مكة فنهضوا في قريب من ألف مُقنع ، مابين التسعمائة والألف ، وتيَامَنَ أبو سفيان بالعير إلى ساحل البحر فنجا ، وجاء النفير ( الجيش – جيش المشركين ) فوردوا ماء بدر ، وجمع الله بين المسلمين والكافرين من غير ميعاد .
وكان الله عز وجل قد أوحى إلى نبيّه حين علم بخروج النفير ، أوحى إليه يعده إحدى الطائفتين : إما العير ( أي الحصول على ما في القافلة من البضائع ) وإما النفير ( أي الانتصار على جيش الكافرين ) ، ورغب كثير من المسلمين في العير لأنه كسب من غير قتال كما قال الله تعالى " وإذ يعِدُكُم اللهُ إحدى الطّائِفَتَيْنِ أنها لكُم ، وتَوَدّون أنّ غَيْرَ ذاتِ الشّوْكَةِ تكونُ لكم ... " 7 – الأنفال .
أخرج مسلم في صحيحه عن عمر بن الخطاب قال : لما كان يوم بدر نظر النبي إلى أصحابه وهم ثلاثمائة ونيف ، ونظر إلى المشركين فإذا هم ألف وزيادة ، فاستقبل القبلة وعليه رداؤه وإزاره تم قال : " اللهم أنجز لي ما وعدتني ، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام فلا تعبد في الأرض أبدًا " فما زال يستغيث ربه ويدعوه حتى سقط رداؤه عن منكبيه ، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فردّه ثم التزمه من ورائه ثم قال : يانبي الله كفاك مُناشَدَتَك ربك فإنه سيُنْجِزُ لك ما وعدك ، فأنزل الله تعالى : " إذ تسْتَغيثون ربّكم فاستَجاب لكم أنّي مُمِدّكم بألفٍ من الملائكة مُرْدِفين ، وما جَعَلَه الله إلا بُشْرى لكم ، ولِتطْمَئن به قلوبُكم ، وما النصرُ إلا مِن عند الله ... " الأنفال – 10 ، فلما كان يومئذ ، التَقَوْا فهزم الله المشركين فقتل منهم سبعون رجلا وأُسر منهم سبعون رجلا .. انتهى .
وقد ورد في الصحيح أن رسول الله لما كان يوم بدر في العريش مع أبي بكر الصديق وهما يدعوان أخذت النبي سِنَة من النوم ثم استيقظ مبتسمًا فقال : " أبشر يا أبا بكر ، هذا جبريل على ثنايا النقع " فخرج من العريش وهو يتلو قوله تعالى : " سَيُهْزَمُ الجمْعُ ويُوَلّون الدّبُر "
هذه البشارة أو النبوءة بأن الملائكة سوف يقاتلون مع المؤمنين كانت تأكيدًا لقوله تعالى : " وما النّصْرُ إلا من عند الله " ، وقد صدق الله رسوله هذه النبوءة بما شهد به المشركون أنفسهم بأن الملائكة كانت تقاتل مع المؤمنين ، وبأن هذا النصر كان بقوة خارجة عن نطاق المعقول وخارجة عن نطاق الحسابات البشرية وحسابات موازين القوى . روى محمد بن اسحق في سيرته من حديث أبي رافع : أن أبا سفيان عاد إلى مكة بعد المعركة وجلس مع أبي لهب – الذي لم يكن قد شارك في المعركة – وقال له : ماهو إلا أن لقينا القوم فمنحناهم أكتافنا يقتلوننا كيف شاءوا ، ويأسِروننا كيف شاءوا ، وأيم الله مع ذلك ما لُمْتُ الناس ، فقد لقينا رجال بيض على خيل بلق بين السماء والأرض ، والله ما تليق شيئا ، ولا يقوم لها شيء ( يقصد الملائكة ) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
نزل في شأن هذه الغزوة أيضًا قوله تعالى : " إذ يُوحي ربّك إلى الملائكة أني معكم ، فثَبّتُوا الذين آمَنوا ، سَأُلْقي في قلوب الذين كفروا الرّعب ، فاضرِبوا فوق الأعناق واضرِبُوا منهم كل بَنَان " 12 – الأنفال . قال الربيع بن أنس : كان الناس يوم بدر يعرفون قتلى الملائكة ممن قتلوهم بضرب فوق الأعناق ، وعلى البنان مثل سمة النار قد أحرق به . وعن الحسن البصري قال : قال رجل يا رسول الله إني رأيت بظهر أبي جهل مثل الشوك ، قال : ذاك ضرب الملائكة . رواه ابن جرير الطبري .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ
ذكر محمد ابن اسحق في سيرته قال : لما أصيبت قريش يوم بدر ، ورجع فَلُّهم إلى مكة ، ورجع أبو سفيان بعيره ، مشى رجال من قريش أصيب آباؤهم وأبناؤهم وإخوانهم ببدر فكلموا أبا سفيان ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة فقالوا : يا معشر قريش ، إن محمدًا وتَرَكم وقتل خياركم فأعينونا بهذا المال على حربه لعلنا أن ندرك منه ثأرًا بمن أصيب منا ، ففعلوا ، وأنزل الله فيهم قوله : " إنّ الذين كفروا يُنْفِقون أموالَهم لِيَصُدّوا عن سبيل الله ، فسيُنْفِقونها ثم تكون عليهم حسْرَةً ثم يُغْلَبون ، والذين كفروا إلى جهنم يُحشَرون " 36 – الأنفال
نرى في هذه الآية الواحدة أربع نبوءات ، ، وإن شئت قُل ثلاث تتحقق في الدنيا ، وتتحقق الرابعة في الآخرة ، أما اللاتي في الدنيا فأولها أن الذين عُرض عليهم الإنفاق في سبيل محاربة النبي سوف يستجيبون ، وقد كان ، وثانيهما : أن هذه الأموال سوف تكون حسرة وندامة على ما أنفقوه في محاربة النبي ، وقد كان ذلك ، ولنا أن نتصور الحسرة والندامة حينما نعلم أن أباسفيان ظل يعاند الرسول ويعاديه مدة ثلاثة وعشرين سنة هي عمر الدعوة الإسلامية ثم لايكون إسلامه إلا في عام الفتح ( فتح مكة ) بعد أن خرج الأمر من يده ويد قومه ، ثم نلتقط من مشاهد فتح مكة هذا المشهد الذي نرى منه كم كانت حسرة أبي سفيان وقومه :
تذكر كتب السيرة أنه في صباح يوم الأربعاء السابع عشر من شهر رمضان سنة 8 هجرية ، غادر رسول الله مرّ الظهران إلى مكة ، وأمر العبّاسَ أن يحبس أبا سفيان بمضيق الوادي عند خطم الجبل حتى تمر به جنود الله فيراها ، ففعل ، فمرت القبائل على راياتها ، وكلما مرت به قبيلة قال : يا عباس مَن هذه ؟ فيقول العباس – مثلا – هذه سُلَيْم ، فيقول : ما لي ولسُلَيم !! حتى نفذت القبائل ، حتى مرّ به رسول الله في كتيبته الخضراء ، فيها المهاجرون والأنصار لا يُرى منهم إلا الحدق من الحديد ، قال : سبحان الله يا عباس ، مَن هؤلاء ؟ قال : هذا رسول الله في المهاجرين والأنصار ، قال : ما لأحد بهؤلاء من قبل ولا طاقة ، ثم قال : والله يا أبا الفضل لقد أصبح مُلكُ ابن أخيك اليوم عظيما . قال العباس : يا أبا سفيان ، إنه النبوة . قال : فنعمْ إذَنْ .
ومشهد آخر ذكرته كتب السيرة أن رسول الله أمَرَ بلال بن رباح أن يصعد على الكعبة فيُؤذن للصلاة ، وكان أبو سفيان مع عتّاب بن أسيد والحارث بن هشام جالسِين في فناء الكعبة ، فقال عتاب : لقد أكرم الله أسَيْدًا (يقصد أباه ) أن لايكون سمع هذا ، فيسمع منه ما يغيظه ، فقال الحارث أما والله لو أعلم أنه حق لاتّبعْتُه ، فقال أبوسفيان : أما والله لا أقول شيئا ، لو تكلّمْتُ لأخْبَرَتْ عني هذه الحصباء ، فخرج عليهم رسول الله فقال لهم قد علمتُ الذي قلتم ، ثم ذكر لهم ما قالوه ، فقال الحارث وعتاب : نشهد أنك رسول الله ، والله ما اطّلع على هذا أحد كان معنا فنقول أخبرك .
النبوءة الثالثة التي تضمنتها الآية قوله تعالى : " ثم يغلبون " وسوف نرى في صفحات تالية كيف تغلب الإيمان على الكفر..
نرى في هذه الآية الواحدة أربع نبوءات ، ، وإن شئت قُل ثلاث تتحقق في الدنيا ، وتتحقق الرابعة في الآخرة ، أما اللاتي في الدنيا فأولها أن الذين عُرض عليهم الإنفاق في سبيل محاربة النبي سوف يستجيبون ، وقد كان ، وثانيهما : أن هذه الأموال سوف تكون حسرة وندامة على ما أنفقوه في محاربة النبي ، وقد كان ذلك ، ولنا أن نتصور الحسرة والندامة حينما نعلم أن أباسفيان ظل يعاند الرسول ويعاديه مدة ثلاثة وعشرين سنة هي عمر الدعوة الإسلامية ثم لايكون إسلامه إلا في عام الفتح ( فتح مكة ) بعد أن خرج الأمر من يده ويد قومه ، ثم نلتقط من مشاهد فتح مكة هذا المشهد الذي نرى منه كم كانت حسرة أبي سفيان وقومه :
تذكر كتب السيرة أنه في صباح يوم الأربعاء السابع عشر من شهر رمضان سنة 8 هجرية ، غادر رسول الله مرّ الظهران إلى مكة ، وأمر العبّاسَ أن يحبس أبا سفيان بمضيق الوادي عند خطم الجبل حتى تمر به جنود الله فيراها ، ففعل ، فمرت القبائل على راياتها ، وكلما مرت به قبيلة قال : يا عباس مَن هذه ؟ فيقول العباس – مثلا – هذه سُلَيْم ، فيقول : ما لي ولسُلَيم !! حتى نفذت القبائل ، حتى مرّ به رسول الله في كتيبته الخضراء ، فيها المهاجرون والأنصار لا يُرى منهم إلا الحدق من الحديد ، قال : سبحان الله يا عباس ، مَن هؤلاء ؟ قال : هذا رسول الله في المهاجرين والأنصار ، قال : ما لأحد بهؤلاء من قبل ولا طاقة ، ثم قال : والله يا أبا الفضل لقد أصبح مُلكُ ابن أخيك اليوم عظيما . قال العباس : يا أبا سفيان ، إنه النبوة . قال : فنعمْ إذَنْ .
ومشهد آخر ذكرته كتب السيرة أن رسول الله أمَرَ بلال بن رباح أن يصعد على الكعبة فيُؤذن للصلاة ، وكان أبو سفيان مع عتّاب بن أسيد والحارث بن هشام جالسِين في فناء الكعبة ، فقال عتاب : لقد أكرم الله أسَيْدًا (يقصد أباه ) أن لايكون سمع هذا ، فيسمع منه ما يغيظه ، فقال الحارث أما والله لو أعلم أنه حق لاتّبعْتُه ، فقال أبوسفيان : أما والله لا أقول شيئا ، لو تكلّمْتُ لأخْبَرَتْ عني هذه الحصباء ، فخرج عليهم رسول الله فقال لهم قد علمتُ الذي قلتم ، ثم ذكر لهم ما قالوه ، فقال الحارث وعتاب : نشهد أنك رسول الله ، والله ما اطّلع على هذا أحد كان معنا فنقول أخبرك .
النبوءة الثالثة التي تضمنتها الآية قوله تعالى : " ثم يغلبون " وسوف نرى في صفحات تالية كيف تغلب الإيمان على الكفر..
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته