الاحتلال العثماني للعراق
رزح العراق كما هو معروف تاريخيا تحت نير الاستعمار العثماني زهاء الأربعة قرون ، و كانت الحقبة التي حكم فيها العثمانيون العراق من أسوأ الحقب في تاريخه ، فقد كان عصر من التخلف قاتم الظلمة عانى خلاله الشعب العراقي صنوفاً من الاضطهاد البشع تجلى في سياسة التتريك ، ومحاولة طمس اللغة العربية ، وتجنيد شبابه في حروب استعمارية لا مصلحة للشعب العراقي فيها ، واستغلال خيرات البلاد وثرواتها أبشع استغلال ، مما أعاد العراق إلى القرون الوسطى بعد أن كان قبلة العالم في تطوره وتقدمه ، في الوقت الذي كانت أوربا تغوص في ظلامها الدامس .
ومنذُ أسست الدولة العثمانية الجيش الانكشاري على يد السلطان [أورخان ] الذي تولى السلطة عام 1326 ، وبعد أن قوي عود ذلك الجيش الذي جرى إشباع أفراده بالعقيدة الدينية البكداشية ، بدأت الدولة تتطلع للتوسع بما دعي بالفتوحات الإسلامية بدعوى نشر الدين الإسلامي ، واستطاع جيشها الإنكشاري في 29 أيار 1453احتلال القسطنطينية التي كانت تعتبر أكبر مدن العالم في ذلك العصر وكانت عاصمة الإمبراطورية البيزنطية لأكثر من ألف عام ، وقد استباح الجيش الإنكشاري المدينة ، وعمل تقتيلاً واغتصاباً ونهباً للممتلكات بأسلوب وحشي يندى له الجبين . (1)
وفي الوقت الذي كانت الدولة العثمانية منتشية بجيشها ، وبالنصر الذي أحرزه في احتلال عاصمة الإمبراطورية البيزنطية ، كانت في بلاد فارس تنهض دولة تقودها حركة دينية صوفية هي الدولة الصفوية التي بدأت تظهر لها تطلعات توسعية هي الأخرى ، وخاصة على عهد الشاه [ إسماعيل ] الذي تولى الحكم في بداية القرن السادس عشر الميلادي وأخذ يوسع دولته حيث احتل قسماً كبيراً من بلاد القفقاس ، ثم التفت نحو العراق حيث استطاع احتلال بغداد في عام 1508 ، واستباح جيشه المدينة وعمل بالمواطنين من الطائفة السنية قتلاً ونهباً واغتصاباً ، تماماً كما فعل الجيش العثماني عند احتلاله للبلاد , وهكذا كانت الجيوش الغازية تفعل في احتلالها للبلدان الأخرى . (2)
سبب احتلال الصفويين للعراق قلقاً كبيراً لسلاطين بني عثمان الذين وجدوا فيها
دولة منافسة تهدد طموحاتهم في التوسع ، وعائقاً إمام بناء امبراطوريتهم ، وأصبح هاجسهم إيقاف المد الصفوي وتحجيم طموحات ملوكهم في التوسع والهيمنة على البلدان المجاورة .
ولم يكد يمضي أربعة أعوام على احتلال الصفويين للعراق حتى شن السلطان العثماني [ سليم] عام 1514 الحرب على الدولة الصفوية حيث انتصر على جيش الشاه [ إسماعيل ] في معركة [ جالدرن ] بالقرب من مدينة تبريز وعمل قتلاً بالأسرى الشيعة بصورة وحشية .
لكن السلطان سليم توفي في عام 1520 ، وتولى السلطنة ابنه السلطان [سليمان] الذي توسعت الدولة العثمانية على عهده ،حيث احتلت جيوشه بلغراد وبودبست في قلب أوربا .
وبعد أن أحرزت الجيوش العثمانية انتصاراتها الواسعة في أوربا التفت السلطان [سليمان نحو جارته الدولة الصفوية من جديد على عهد الشاه [ طهماسب] الذي تولى الحكم على اثر وفات أبيه الشاه [ إسماعيل ] حيث اندفعت جيوشه عام 1534 نحو[ تبريز] واحتلها ، ثم اندفعت تلك الجيوش نحو الشطر الغربي من إيران تلاحق الجيش الصفوي المهزوم حيث احتل مدينة [همدان ]، ومنها توجهت الجيوش نحو بغداد ودخلها في اليوم الأخير من عام 1534 من دون مقاومة تذكر معلناً نفسه حامياً للطائفة السنية ، وكانت الحامية الصفوية قد انسحبت منها قبل وصول الجيوش العثمانية . (3)
لكن الصفويون ما لبثوا أن استعانوا بالخبرات العسكرية للبريطانيين ، وخاصة سلاح المدفعية الحديث العهد ، وشنوا الحرب على الجيوش العثمانية على عهد الشاه [ عباس ] ،واستطاعوا احتلال بغداد عام 1623 بعد حصار دام 3 اشهر حلت خلالها المجاعة في المدينة ،وقيل أن الناس أكلوا أطفالهم من شدة الجوع.(4)
لكن السلطان العثماني [ مراد الرابع] استطاع قيادة جيوشه بنفسه واستطاع احتلال بغداد من جديد عام 1637 بعد أن استطاع سحق الجيوش الصفوية ، حيث استسلم قائد الحامية الصفوية في بغداد ، وقد اقترفت الجيوش العثمانية مذبحة كبرى ذهب ضحيتها قرابة 20 ألف جندي من الصفويين وقرابة 30 ألفاً من المواطنين الشيعة .(5 )
وفي عام 1638 ، أي بعد سنة من إعادة احتلال العثمانيين لبغداد تم عقد الصلح بين الدولتين الصفوية والعثمانية ، وتم بموجبه احتفاظ الدولة العثمانية بالعراق .(6)
لم يكن الشعب العراقي راضياً بالاستعمار العثماني رغم محاولة الحكام العثمانيون تغليف حكمهم بجلباب الدين الإسلامي ، وكان يسعى جاهداً للإفلات من ذلك الطوق البشع ، فقد ظهرت عدة حركات وطنية ترمي إلى التحرر من تسلط الاستعمار التركي، وإقامة حكم وطني متحرر ، كما قامت العديد من الانتفاضات في معظم المدن والأرياف ضد الأتراك ، وكان أشهرها ثورة بغداد في 13 حزيران 1831. (7)
كما قامت عدة انتفاضات في الريف العراقي بقيادة بعض شيوخ العشائر ذوي النزعة الوطنية التحررية ، سواء في المناطق العربية أم الكردية، لكن الحكومة العثمانية كانت تلجأ إلى أقسى درجات العنف لقمع تلك الانتفاضات ، وتنفذ موجات من الاعدامات بحق النشطين من الوطنيين .
رزح العراق كما هو معروف تاريخيا تحت نير الاستعمار العثماني زهاء الأربعة قرون ، و كانت الحقبة التي حكم فيها العثمانيون العراق من أسوأ الحقب في تاريخه ، فقد كان عصر من التخلف قاتم الظلمة عانى خلاله الشعب العراقي صنوفاً من الاضطهاد البشع تجلى في سياسة التتريك ، ومحاولة طمس اللغة العربية ، وتجنيد شبابه في حروب استعمارية لا مصلحة للشعب العراقي فيها ، واستغلال خيرات البلاد وثرواتها أبشع استغلال ، مما أعاد العراق إلى القرون الوسطى بعد أن كان قبلة العالم في تطوره وتقدمه ، في الوقت الذي كانت أوربا تغوص في ظلامها الدامس .
ومنذُ أسست الدولة العثمانية الجيش الانكشاري على يد السلطان [أورخان ] الذي تولى السلطة عام 1326 ، وبعد أن قوي عود ذلك الجيش الذي جرى إشباع أفراده بالعقيدة الدينية البكداشية ، بدأت الدولة تتطلع للتوسع بما دعي بالفتوحات الإسلامية بدعوى نشر الدين الإسلامي ، واستطاع جيشها الإنكشاري في 29 أيار 1453احتلال القسطنطينية التي كانت تعتبر أكبر مدن العالم في ذلك العصر وكانت عاصمة الإمبراطورية البيزنطية لأكثر من ألف عام ، وقد استباح الجيش الإنكشاري المدينة ، وعمل تقتيلاً واغتصاباً ونهباً للممتلكات بأسلوب وحشي يندى له الجبين . (1)
وفي الوقت الذي كانت الدولة العثمانية منتشية بجيشها ، وبالنصر الذي أحرزه في احتلال عاصمة الإمبراطورية البيزنطية ، كانت في بلاد فارس تنهض دولة تقودها حركة دينية صوفية هي الدولة الصفوية التي بدأت تظهر لها تطلعات توسعية هي الأخرى ، وخاصة على عهد الشاه [ إسماعيل ] الذي تولى الحكم في بداية القرن السادس عشر الميلادي وأخذ يوسع دولته حيث احتل قسماً كبيراً من بلاد القفقاس ، ثم التفت نحو العراق حيث استطاع احتلال بغداد في عام 1508 ، واستباح جيشه المدينة وعمل بالمواطنين من الطائفة السنية قتلاً ونهباً واغتصاباً ، تماماً كما فعل الجيش العثماني عند احتلاله للبلاد , وهكذا كانت الجيوش الغازية تفعل في احتلالها للبلدان الأخرى . (2)
سبب احتلال الصفويين للعراق قلقاً كبيراً لسلاطين بني عثمان الذين وجدوا فيها
دولة منافسة تهدد طموحاتهم في التوسع ، وعائقاً إمام بناء امبراطوريتهم ، وأصبح هاجسهم إيقاف المد الصفوي وتحجيم طموحات ملوكهم في التوسع والهيمنة على البلدان المجاورة .
ولم يكد يمضي أربعة أعوام على احتلال الصفويين للعراق حتى شن السلطان العثماني [ سليم] عام 1514 الحرب على الدولة الصفوية حيث انتصر على جيش الشاه [ إسماعيل ] في معركة [ جالدرن ] بالقرب من مدينة تبريز وعمل قتلاً بالأسرى الشيعة بصورة وحشية .
لكن السلطان سليم توفي في عام 1520 ، وتولى السلطنة ابنه السلطان [سليمان] الذي توسعت الدولة العثمانية على عهده ،حيث احتلت جيوشه بلغراد وبودبست في قلب أوربا .
وبعد أن أحرزت الجيوش العثمانية انتصاراتها الواسعة في أوربا التفت السلطان [سليمان نحو جارته الدولة الصفوية من جديد على عهد الشاه [ طهماسب] الذي تولى الحكم على اثر وفات أبيه الشاه [ إسماعيل ] حيث اندفعت جيوشه عام 1534 نحو[ تبريز] واحتلها ، ثم اندفعت تلك الجيوش نحو الشطر الغربي من إيران تلاحق الجيش الصفوي المهزوم حيث احتل مدينة [همدان ]، ومنها توجهت الجيوش نحو بغداد ودخلها في اليوم الأخير من عام 1534 من دون مقاومة تذكر معلناً نفسه حامياً للطائفة السنية ، وكانت الحامية الصفوية قد انسحبت منها قبل وصول الجيوش العثمانية . (3)
لكن الصفويون ما لبثوا أن استعانوا بالخبرات العسكرية للبريطانيين ، وخاصة سلاح المدفعية الحديث العهد ، وشنوا الحرب على الجيوش العثمانية على عهد الشاه [ عباس ] ،واستطاعوا احتلال بغداد عام 1623 بعد حصار دام 3 اشهر حلت خلالها المجاعة في المدينة ،وقيل أن الناس أكلوا أطفالهم من شدة الجوع.(4)
لكن السلطان العثماني [ مراد الرابع] استطاع قيادة جيوشه بنفسه واستطاع احتلال بغداد من جديد عام 1637 بعد أن استطاع سحق الجيوش الصفوية ، حيث استسلم قائد الحامية الصفوية في بغداد ، وقد اقترفت الجيوش العثمانية مذبحة كبرى ذهب ضحيتها قرابة 20 ألف جندي من الصفويين وقرابة 30 ألفاً من المواطنين الشيعة .(5 )
وفي عام 1638 ، أي بعد سنة من إعادة احتلال العثمانيين لبغداد تم عقد الصلح بين الدولتين الصفوية والعثمانية ، وتم بموجبه احتفاظ الدولة العثمانية بالعراق .(6)
لم يكن الشعب العراقي راضياً بالاستعمار العثماني رغم محاولة الحكام العثمانيون تغليف حكمهم بجلباب الدين الإسلامي ، وكان يسعى جاهداً للإفلات من ذلك الطوق البشع ، فقد ظهرت عدة حركات وطنية ترمي إلى التحرر من تسلط الاستعمار التركي، وإقامة حكم وطني متحرر ، كما قامت العديد من الانتفاضات في معظم المدن والأرياف ضد الأتراك ، وكان أشهرها ثورة بغداد في 13 حزيران 1831. (7)
كما قامت عدة انتفاضات في الريف العراقي بقيادة بعض شيوخ العشائر ذوي النزعة الوطنية التحررية ، سواء في المناطق العربية أم الكردية، لكن الحكومة العثمانية كانت تلجأ إلى أقسى درجات العنف لقمع تلك الانتفاضات ، وتنفذ موجات من الاعدامات بحق النشطين من الوطنيين .