منتديات ضياء الشاهــر

اهلا بك اخي الزائر الكريم في منتداك تكرم بالتسجيل وساهم تما لديك بين اخوتك

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات ضياء الشاهــر

اهلا بك اخي الزائر الكريم في منتداك تكرم بالتسجيل وساهم تما لديك بين اخوتك

منتديات ضياء الشاهــر

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات ضياء الشاهــر

منتدانـَِاا مميزٍَ يحتوي عٍَِ شعر ونثرَِ وقصائدٍَ ورواياتٍَ وافكار وأرشاداتٍَِ.


    امارة قبيلة العبيد

    ضياءالشاهر
    ضياءالشاهر
    ~المدير العــام~
    ~المدير العــام~


    ذكر عدد المساهمات : 3974
    نقــاطي : 23292
    التقيـــيــم : 66
    تاريخ التسجيل : 09/02/2011
    العمر : 66
    الموقع : العراق ..الفلوجه .
    المزاج : رايق

    امارة قبيلة العبيد Empty امارة قبيلة العبيد

    مُساهمة من طرف ضياءالشاهر الأربعاء مارس 02, 2011 3:00 pm

    [نشوء إمارة العبيد الحميرية
    بعد وفاة الأمير عبيد تولى إمرة قبيلة العبيد ابنه حازم، الذي عقد حلفا مع أمير آل فضل فياض بن مهنا بن عيسى، وأخذا يقطعان الطريق على قوافل العراق والشام المارة بديارهما في منطقة الحديثة وحلب وتدمر، ويفرضان الإتاوات على التجار والحجاج.
    تولى مشيخة قبيلة العبيد الحميرية بعد وفاة الأمير حازم ابنه كطبة الذي استطاع أن يحقق للقبيلة استقلالها مرة أخرى. وفي عهد خلفه الأمير علي بن كطبة تحالفت قبيلة العبيد مع السلطان سليم الأول سنة 920-927هـ/ 1514-1520م ضد الفرس واستطاع أن يمد سلطة القبيلة وديارها شمالاً إلى منطقة سنجار والخابور.
    ثم حدث نزاع على رئاسة قبيلة العبيد بين علي بن كطبة وأولاد أخيه مشهد بن كطبة انتهى بانتصار أولاد مشهد، حيث أصبح حمد بن مشهد رئيساً لقبيلة العبيد. وفي عهده وبسبب التدخل العثماني في شؤون المنطقة والصراعات القبلية المستمرة، تمكنت عشائر الملحقة بالعبيد من الخروج عن طاعة أمرائها، ولكنها بقيت تابعة لهم في الملمات والشدائد.
    وفي سنة 1048هـ/ 1638م ساهمت القبيلة بقوات كبيرة في استرداد بغداد من الفرس بقيادة السلطان مراد الرابع العثماني. ومن إصلاحات السلطان مراد الرابع عند دخوله إلى بغداد أنه جلب إلى الأعظمية بعضا من قبيلة العبيد، وهم على الغالب من ألبوعلي وألبوهيازع، فأسكنها حول ضريح الإمام الأعظم لحمايته . وسميت محلة الشيوخ المحصورة بين جامع الإمام الأعظم وشط الباشا بهذا الاسم نسبة إلى شيوخ العبيد الذين نزلوا في هذه المنطقة وبنوا دورهم فيها عند مجيئهم مع السلطان مراد الرابع(2).
    ونزل في الكاظمية أيضا قسم من شيوخ العبيد من البوعلي ومعهم قسم من البوهيازع فخذ البوعواد، وسميت المحلة باسمهم (محلة الشيوخ)(3).
    ويقول السهروردي: ((حتى أن والي بغداد، ما استقر له قرار حتى طلب إلى الأمير سليمان الشاوي بإقامة عشيرة العبيد في بغداد لحفظها من غزوات الأعاجم والأعداء، فأمر الأمير بإبقاء فرقة من آل علي في قصبة الأعظمية مرابطة لصد هجمات الأعداء عن بغداد، ولا يزال أحفاد هذه الفرقة ساكنين الأعظمية ولهم ذكر وفضل على هذه البلاد ما لم تسبقهم إليه عشيرة))(4). وهذا القول متأخر عن الفترة التي دخل فيها السلطان مراد الرابع بغداد، وقيل عن فترة سنة 1780م زمن أولاد الشاوي، ومن المحتمل أن سليمان الشاوي جاء بجماعة أخرى إلى الأعظمية بعد
    الطاعون الكبير سنة 1186هـ الذي قضى على الكثير من الناس.
    تولى زعامة قبيلة العبيد الحميرية في بداية القرن الثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي الأمير شاهر بن حمد بن مشهد العبيدي. وبدأت معه صورة إمارة قبلية عربية في منطــــقة الجزيرة الفراتية تظهر بصورة واضحة، حيث ضمت الإمارة مساحة واسعة من الأرض تبدأ من بوادي تدمر وكربلاء جنوباً، إلى سنجار ونصيبين شمالاً، ومن نهر البليخ غرباً إلى ضفاف دجلة شرقاً، وكانت قاعدتها مدينة سنجار(5).
    وفي سنة 1143هـ/ 1730م ساهمت قبيلة العبيد برجالها والقبائل المنضوية تحت رايتها في الدفاع عن المدن العراقية التي تعرضت إلى غزوات نادر شاه الفارسي، وكان للإمارة دور كبير في إمداد مدينة الموصل المحاصرة بالمواد والرجال والمقاتلة عبر جهات المدينة الغربية المفتوحة باتجاه بادية الجزيرة.
    تطلعت إمارة العبيد إلى دور أكبر لها وذلك من خلال محاولتها الاشتراك في حكم العراق بدل الأجانب، وذلك في عهد الأمير ظاهر بن نصيف الشاهر الذي تحالف مع والي بغداد المملوكي حسن باشا.
    وتعزز هذا الدور عندما اختار أخوه الأمير شاوي بن نصيف الاستقرار في بغداد، واختير مساعدا للوالي عندما منح منصب (باب العرب)(6).


    آل الشاوي في بغداد
    ولد شاوي بن نصيف بن شاهر في سنجار، وترك ديار قبيلته إلى بغداد وهو في مقتبل العمر، وتمكن بفضل ما أوتي من ذكاء وفطنة، ولا سيما أنه كان يتمتع بقدر وافر من العلم، حيث درس العلوم العربية والإسلامية على أيدي شيوخ العلم في بغداد وخاصة الشيخ عبد الله السويدي. تمكن أن يكون زعيما شعبيا للعراقيين وممثلا لهم في حكومة بغداد.
    كان شاوي سياسياً محنكاً، وأديباً متبحراً في العلوم العربية والإسلامية، وخطيباً مفوهاً، وقائداً شجاعاً، أضف إلى ذلك نزاهته وورعه وصدقه، كل هذه الفضائل أضفت عليه صفات الزعيم المطاع المحترم، ولبعض آل السويدي مؤلفات في مدح الشاوي وأولاده منهـا (ديوان عبد الله السويدي) و(أفحام المناوي في فضائل آل الشاوي). كما امتلأت دواوين (الأزري والعشاري) بقصائد تمجد دور آل الشاوي، وتمتدح أمراءهم وتفخر بأفعالهم.
    ويصف الحيدري آل الشاوي قائلاً: (( ومنهم بيت المجد بيت آل الشاوي العبيدي الحميري، وهو بيت فضل وعلم وشجاعة وكرم ورئاسة ونجابة وأدب وحسب ونسب، وكانت لهم الكلمة النافذة في جميع قبائل العراق ورياسة العرب لدى وزراء بغداد كالنعمان بن المنذر. وقد حازوا العلم والسيف والقلم والشجاعة والرياسة وسائر المفاخر، وكان يعيش في كنفهم خلق كثير من كل صنف ولهم الصولة القاهرة بين القبائل. . . . . . . ، وكان لشاوي بك ولد يسمى عبد الله بك وهو أحنف وقته وكانت له الرئاسة الكبرى والصولة العظمى وله من الخيرات والكرم ما لا تحصيه الأقلام، وقد ولد له اثنا عشر ولداً(7) كل منهم أمير عالم فاضل كريم شجاع شاعر أديب. وكانوا ملجأ الخواص والعوام في بغداد، وصدقاتهم وعطاياهم للعلماء والشعراء والفقراء وهم أهل الحل والعقد واليهم تنتهي الأمور، وأجلهم قدراً وأعظمهم فخراً العلامة النحرير والأسد الغضنفر الكريم الشهير الأمير بن الأمير الحاج سليمان بك الشاوي الحميري خال والدي طاب ثراهما. وكان شاعره محمد كاظم الأزري البغدادي، وقد مدحه بقصائد كثيرة جمعت ديواناً كبيراً، وله وقائع عظيمة في الكرم والشجاعة. وكانت عشيرة العبيد حينئذ تبلغ خمسة عشرة ألف فارس وهم جميعهم وسائر القبائل الزبيدية كالجبور والدليم والعزة وغرير وغيرهم في طاعته وأمره،فهو نعمان عصره وقد غار مع قومه على تيمر باشا الملي(Cool من العراق إلى نواحي أدرنا ودمره وفرق جمعه وأخذ أمواله))(9).
    والتفت حوله القبائل العربية ورضيت بزعامته، لذا منحته السلطات العثمانية لقب (بك)(10) واختارته لمنصب جديد يظهر لأول مرة في تاريخ النظم والإدارة العثمانية، وهو منصب (باب العرب)(11).
    ونجد أول ذكر للشاوي في تاريخ العراق بين إحتلالين للعزاوي، في حوادث سنة 1119هـ/ 1707م إذ يقول(12): (( مما ينقل صاحب الحديقة(13) عن والده الشيخ عبد الله السويدي، إن شاوياً جد آل شاوي الحميري رئيس عشيرة العبيد من عشائر زبيد. قال: ( إننا كنـا مع المرحوم حسن باشــا والي بغداد أربعة أشخاص في غزو قبيلـة زبيد(14) سائرين أمام الجيش. وبينما نحن نتجاذب الحديث، وقد بعدنا عن الجيش لدرجة أننا صرنا لا نراهم، إذ صعدنا على كثب وعند ذاك شاهدنا مقدمة الأعداء، فألويت عنان فرسي إلى الوراء فمنعني الوالي وزجرني. وفي الحال هاجمنا العدو، فظن هؤلاء بل اعتقدوا أن الجيش وراءنا، فدمرنا الكثير من فرسانهم وشتتنا جمعهم وهزمناهم عنا. ولما رأى أصل جيشهم هزيمتهم هذه أصابهم الارتباك، وقبل أن يلتئم شملهم وافاهم جيشنا ولم يمكنهم، وفرقهم وأوقع بهم وقيعة في طرفة عين. ثم أن الوزير(15) وقف هنيهة وأوصاني بهذه الوصية وأكد لي أن لا أنساها، وهي: (أن العدو حينما يراك لا تتأخر عن مهاجمته ولا تبين له تراخيا أو إهمالا، فيظن فيك ضعفا، بل عاجله بالهجوم، وإلا طمع فيك ويخشى حينئذ عليك منه). وبهذه الحالة انتصر على عشائر زبيد بعد أن كانت أعجزت الولاة مرارا، وحينئذ أسكن الوزير العشائر المطيعة من مسعود وشمر طوكه وأعاد إليها السكينة، ثم عاد إلى بغداد))(16).
    لقد كان بيت الشاوي في جهة الكرخ من بغداد ملجأ للمظلومين والفقراء، كما أن بعض الخارجين على السلطة العثمانية أو المطلوبين للدولة يصبحون في مأمن من ملاحقة الجندرمة، إذا ما عبروا الجسر الخشبي والتجأوا إلى عائلة الشاوي.
    وكان أهالي بغداد يرددون قولاً أصبح مثلاً (إذا ضامك الضيم اعبر التختة)، ويقصدون بالتختة خشبة الجسر الضخمة التي ترفع وتعاد إلى مكانها عند قطع وفتح الجسر للمرور. وكان الناس يقولون عند مشاهدة الجندرمة تطارد أحد الأفراد عند الجسر: (عبر التختة) أو (بس يعبر التختة)، أي أن هذا الشخص متى يعبر التختة في منتصف الجسر ينجو من الشرطة. ويقع بيت الشاوي في محلة رأس الجسر(وهي المحلة الواقعة في نهاية جسر الشهداء الحالي في الكرخ)، وهناك عقد في المحلة يسمى (عقد البيجات) أي محلة البيكات(17).


























    العراق في العهد العثماني
    كان الوضع في العراق في عهد الحكم العثماني بصورة عامة وعهد المماليك بصورة خاصة سيئاً جداً، فالفقر المدقع في جميع نواحي الحياة: من جهل عميق، وأمية متفشية، وأمراض تهتك الناس، وإهمال متعمّد لأي إصلاح جذري أو تجديد أو بناء(23).
    وفي البادية كانت العصبية القبلية والعرف العشائري هو الذي يسود العلاقات الاجتماعية، وهذه العلائق تفرض بعض الحقوق والالتزامات المتبادلة، وكانت قادرة على حماية الكيان القبلي الذي يتناقله البدوي من جيل إلى جيل ويحافظ عليه، ويتجلّى ذلك واضحاً في الزواج والثأر والغزو والدخالة والحشم وغيرها. وكانت العصبية القبلية نظاماً خلقياً للمجتمع البدوي ينظّم سلوك الأفراد.
    ولم يتّبع الولاة الأتراك أية سياسة إيجابية في سبيل نقل القبائل وتحويلها إلى عناصر متمدنة، إنما والت سياستها التقليدية في تحطيم العناصر المحلية وانشاب الخلاف والنزاع بين القبائل عنايتها الفائقة. فغذّت الاختلاف واستخدمت الأخ ضدّ أخيه، واستعملت بعض القبائل ضدّ البعض الآخر. وفي بعض الأحيان كانت تحتشد مجموعة من القبائل ضدّ الولاة الأتراك، حتى ظهرت وكأنها إمارات مستقلة تتمتع بنفوذ تام في مناطق نفوذها، كإمارة المنتفق والخزاعل والزبيد والعبيد وبني لام والقشعم وطي وشمّر.
    وكانت القبائل تشنّ حروباً متواصلة ضدّ الحكومة وضدّ بعضها حيناً آخر، حتى شعر الفرد من القبيلة بأهمية الاعتزاز والتضحية في سبيلها. ولم يكن بميسور المسافر من محلّ إلى آخر أن ينتقل بحرية دون أن يعرّض نفسه للخطر، وعليه أن يدفع مختلف الرسوم لكلّ بقعة في الأرض يمر بها إذا كانت مأهولة من قبيلة غير
    قبيلته(24).
    وفي أوائل القرن الثاني عشر الهجري ضعفت السلطة التركية في بغداد، ولم يبق لها نفوذ يذكر على الإمارات القبلية التي كانت متنفذة في المناطق المختلفة من العراق، ولم يستطع الولاة أن يفرضوا سلطتهم، فقادوا حملات يائسة لم يقدروا فيها على إخضاع القبائل والعشائر. وكان شغل الدولة الشاغل على أيام المماليك في الفترة بين (1166ـ 1247هـ/ 1752ـ 1831م) هو إخماد الثورات التي تقوم بها القبائل واستتباب الأمن، وكان العمل الوحيد الذي يثير ضغائن القبائل والعشائر هو جباية الضرائب.
    وبلغت الحملات التأديبية ذروتها في الفترة الواقعة بين سنتي (1836ـ 1850م)، ولقيت القبائل الثائرة آنذاك كالخزاعل وشمّر وعنزة والعبيد والمنتفق وبني لام أنواع المآسي والمذابح. ولكن كلّ هذه التدابير السلبية لم تؤدي إلى تفكك الروابط القبيلية والقضاء على نظمها وأعرافها، وإنما دفع الأفراد إلى البحث عن الطمأنينة في تنظيمهم القبيلي(25).
    كما أن ولاة الإيالات العثمانية كانوا شبه مستقلين في شؤونهم ومشغولين بجمع الثروات لأنفسهم، أما حكومة الأستانة حيث يقبع السلطان العثماني فقد انتهى بها الأمر إلى التسليم بواقع الحال، والاكتفاء بقبض مبلغ معيّن من المال يتصدّق به أمراء الإيالات على السلطان كل سنة(26). وكان منصب الولاية يباع لمن يدفع أكثر من الأغنياء والوجهاء والمماليك.
    علاقة العبيد بالمماليك
    أما موقف القبائل العراقية في عهد حكم المماليك فإنها كانت متخاصمة فيما بينها، لا يمضي يوم إلاّ والغزوات تشنّ من قبل الشيوخ، مما سبب فقدان الأمن والقضاء على الاستقرار في البلاد، فالنهب والسلب والغزو والسبي أصبحت من الأمور الطبيعية بين القبائل.
    كان المماليك عبارة عن مجاميع من الأجانب والدخلاء الكرج والشركس وغيرهم من الأجناس القفقاسية، جيء بهم كخدام وعبيد أو كجنود مرتزقة وهم صغار، وتم تعليمهم وإدخالهم في الدين الإسلامي من قبل العثمانيين، فما لبثوا أن استحوذوا على وظائف الحكومة المهمة، وأصبح أفرادهم يتنعمون بخيرات البلاد ويتحكمون في رقاب أبناءها ويحتقرونهم على اختلاف طبقاتهم(27).
    وكان أول ولاة الأتراك في بغداد الذين عاصرتهم أسرة الشاوي هو حسن باشا الذي عيّن سنة 1116هـ/ 1704م، والذي حفل عهده بعدد كبير من الحملات ضدّ العشائر غير المذعنة للحكومة في الموصل والحلة والفلوجة والفرات الأوسط والمنتفق والبصرة وأربيل وحرير وشهرزور وسنجار(28).
    وقد اتخذ الولاة العثمانيون من بعض رجالات آل الشاوي ما عرف بـ (باب العرب)، وصاحب هذا المنصب كان يتصرّف في العلاقة العامة بين الوالي والقبائل
    العربية، ويقوم بالسفارة بينهما مما عزز مكانتهم العشائرية، بالإضافة إلى رئاستهم
    على قبائل العبيد(29). ونصّب الولاة على قبيلة العبيد شيخين أحدهما (شيخ بداوة) يسير مع عشيرته ويتنقل معها، والأخر (شيخ مدينة) مركزه في بغداد قرب الوالي(30). وقد ذهب بعض أفراد أسرة الشاوي ضحية أعمالهم الرسمية تلك بالقتل والتشريد.
    وفي البادية تولّى إمارة العبيد في سنجار بعد الأمير ظاهر بن نصيف ابنه محمد الظاهر. وكان محمد عنيداً جباراً قاسياُ لا تعرف الرحمة إلى قلبه درباً، لذا أثارت سياسته هذه سخط القبائل العربية المنضوية تحت حكم إمارة العبيد. إلاّ أنّ عقلاء القبيلة أمثال أخيه حمد الظاهر وابنه أحمد بن محمد الظاهر، وأعمامه شاوي بن نصيف وعبد العال بن نصيف، تمكنوا من إجبار محمد الظاهر على التنازل عن زعامة الأمارة إلى أخيه حمد الظاهر الذي اختير أميراً للقبيلة.
    وكان حمد الظاهر صورة أخرى لعمّه الشاوي في الذكاء والفطنة والسياسة، إلاّ أنّ آثار سياسة محمد الظاهر كان من الصعب تلافيها في فترة وجيزة، لذا اضطرّ حمد الظاهر إلى شنّ حملة ضدّ قبيلتي بني جميل وطي في جنوب سنجار، ثم على قبيلة طي منفردة. وكانت معركة (تل الرماح) إلى الجنوب من تلعفر من أشد المعارك القبلية التي شهدتها منطقة الجزيرة، سقط فيها مئات القتلى من الطرفين، وانتهت بانتصار العبيد وتعزيز قبضتها على منطقة سنجار والجزيرة من جديد وبدون منافس(31).
    أما في بغداد فكان الأمير عبد الله بك الشاوي يعمل بجدّ ونشاط لتقوية مركز العبيد، متطلعاً إلى حكم العراق وطرد المماليك من البلاد. وذهب ضحية لهذه التطلعات سنة 1183هـ/ 1769م عندما أقدم والي بغداد عمر باشا على إعدامه في منطقة أم الحنطة قرب البصرة بعد أن كلّفه بالإصلاح بين مُتسلّم البصرة وعبدالله السعدون شيخ المنتفق. وكانت لعبد الله الشاوي مكانة كبيرة في قلوب الأهلين والعشائر لا في زمن عمر باشا وحسب بل في زمن سلفه أحمد باشا(32). وحاول عمر باشا بهذا أن يتخلّص من الزعامة الشعبية التي اتضحت قوتها بقتل عبد الله بك الشاوي العربي الحميري العريق، فثارت عشيرة العبيد القوية(33).






    معركة الدجيل
    كانت هذه الحادثة إيذاناً بقيام ثورة عارمة قادتها قبيلة العبيد بزعامة أمير العبيد علي بن حمد الظاهر، وخرج أولاد الأمير عبد الله بك الشاوي سليمان وسلطان وغيرهما وجميع أفراد القبيلة. اتفقوا معهم واعتضدوا بهم واحتشدوا في الدجيل، وكانوا قوة مهمة تستخدمهم الحكومة لتأديب العشائر، فشوشوا الوضع على الوالي وقطعوا الطرق وأحدثوا اضطراباً قوياً.
    ولما سمع الوالي سارع للعودة إلى بغداد، وبالنظر لكثرة الجيش وأثقاله كان ينبغي أن يصل في مدة عشرين يوماً فقصّرها في ثمانية أيام. ودارت معركة ضارية بين قوات إمارة العبيد الثائرة لدم أميرها وبين قوات الوالي العثماني انتهت بانتصار الوالي، ومنيت قبيلة العبيد بخسارة فادحة في المال والرجال، حيث لقي عدد من أمراء القبيلة حتفهم منهم: الأمير حبيب بك الشاوي، والأمير ناصر بن أحمد بن محمد الظاهر، والأمير ظاهر بن نصيف الظاهر، والأمير علي بن فراس الظاهر، والأمير عساف بن حمد الظاهر، وأما الأمير سلطان بك الشاوي فقد انتحر
    بإغماد خنجره في صدره من الغيظ(34).
    تركت قبيلة العبيد منطقة الدجيل وتوغلت في مجاهل الجزيرة الفراتية في ثلاثة اتجاهات:
    الأول بزعامة الأمير سليمان بك الشاوي الذي اختار منطقة الحضر وتل الرمّاح ملجأ له.
    الثاني بزعامة أحمد بن محمد الظاهر الذي اختار جبل سنجار زبناً له، وكان معه من عشائر العبيد البوحمد والبوسيف، وبعض البيوتات من عشيرة الجحيش الزبيدية. ومن هنا لقّب أحمد بـ (الجبل) وعرف أولاده بـ (الجبلية) أو (آل الجبل).
    الثالث بزعامة أمير العبيد علي بن حمد الظاهر ومعه معظم جموع القبيلة، حيث اتجه إلى منطقة الخابور. ورجع عبيد الأعظمية إلى دورهم بعد أن حصلوا على العفو من والي بغداد.
    حوادث عجم محمد الفارسي
    قتل الوالي عمر باشا سنة 1189هـ/ 1775م وخلفه قاتله مصطفى باشا الاسبيناقجي، فاستغلّت العشائر ضعفه وانهماكه في الأمور الشخصية وشقّت عصا الطاعة عليه، وأخذت تعبث في القرى والأرياف، وكثر النهب والقتل والغزو فيما بينها. فأرسل الباب العالي فرماناً(35) بتولية عبدي باشا بدله، ولم تدم ولايته سوى مدة أسبوع ثم أعطيت الولاية إلى عبد الله أغا قائد المماليك لترضيته. ولكنه عكف
    على الملذات والفجور وسلّم إدارة البلاد إلى الفارسي عجم محمد(36) ومعه سليم
    سري أفندي الذي أرسلته الدولة لاستنهاض همّة عبد الله باشا لمقاتلة العجم الذين
    يحاصرون البصرة منذ مدة طويلة(37).
    وفي هذه الفترة أرسل الأديب البصري عبد الله البيتوشي رسالة إلى سليمان بك الشاوي يستصرخه فيها نجدة البصرة لإيمانه بأنّ لا أحد يتمكن من ذلك غيره، ويورد عثمان بن سند في مطالع السعود عن تلك الرسالة(38): (( كتب البليغ الأديب وفارس الحماسة والنسيب والعالم العامل بعلمه والناظم الذي فخرت الأكراد بنظمه، معرّي مصره وسيبويه عصره عبد الله بن محمد الكردي البيتوشي الخانخلي الآلاني كتاباً جمع انسجام الألفاظ وجوامع المعاني إلى سليمان بن عبد الله بن شاوي الحميري العبيدي السَري بن السَري(39) بن السَري، لكونه إذ ذاك صدراً في العراق وبدراً في تلك الأرجاء والآفاق، يستصرخه فيه لنصرة البصرة وتخليصها من أدهم تلك العسرة، ذاكراً فيه ما للبصرة من الفضائل. لكن لمّا وصلت المالكة(40) سليمان، ووقعت به موقع السلسال(41) من الظمآن(42). رام النصرة فلم يكن له بها يدان)). ولم يستطع الشاوي تلبية طلب البصرة بسبب انشغاله بنصرة أهل بغداد ضدّ محاولة عجم محمد الفارسي الوصول إلى السلطة.
    وتوفي عبد الله باشا فجأة سنة 1192هـ/ 1778م، فاتفق أولو الأمر ببغداد على تعيين سليم سري أفندي قائمقاماً (وكيلاً) لولاية بغداد إلى حين تعيين الوالي الجديد. وعلى أثر ذلك نشبت في المدينة معركة بين أنصار الكتخدا السابق إسماعيل أغا، وبين أنصار الكتخدا الحالي عجم محمد بك، وكان كلّ حزب يريد أن يكون زعيمه والياً على بغداد.
    فحاول سليم سري قمع الفتنة وإعادة الأمن إلى نصابه، ففشل واستعر لهيب الفتنة، فاضطر وجهاء بغداد إلى دعوة سليمان بك الشاوي من (دشخرو) لإخماد الفتنة. ووصل الشاوي وأخذ يتوسط بين المتنازعين ودعاهم بالخلود إلى السكينة ريثما يتم الاختيار في جوّ هادئ(43).
    وفي هذه الفترة كانت الحكومة قد أرسلت محمد بك الشاوي إلى إيران للتوسط حول فكّ الحصار عن البصرة، ويقول عثمان بن سند عن هذه الواقعة: (( فاتفق أهل عقد وحل دفعاً لما نزل من الخطب وحل، أن يطلبوا من كريم خان صلحه ليكفّ فساده وقبحه، فاختاروا لتسهيل هذا الصعب وتحليل عقد هذا الخطب محمد بن عبد الله بن شاوي الحميري إذ هو لدهائه وعقله لهذا الأمر حريّ، فتوجه على طرف سلهب(44) طاوياً لكلّ هوجل وسبسب(45) إلى شيراز. وألقى فيها من السفر عصيّه، وأخذ يروّض من ذلك الأمر عصيّه ويركب لإنتاجه كلّ مقدمة وقضية. فلمّا فاوض ذلك الزندي علم بسبره ما يخفي ويبدي، ووجد به الزندي ألمعياً وخريتاً(46) في سباسب(47) الآراء ذكياً، وضاعف لذلك برّه ورآه في وجه عصره غرّة. ولكن لمّا عرض له في أسرى البصرة أبدى الاشمئزاز عن فكّهم والنفرة قائلاً: إنّ إطلاق هؤلاء الأنجاد دونه خرط القتاد(48)، ولكن لكرامتك لدينا وعزة قدرك علينا نعدك بالإطلاق إذا تم مع السلطان الاتفاق، ونطلق تنويهاً بقدرك وزيادة في إكرامك وبرّك من تحت أيدينا من الأكراد ونرجع السيوف إلى الأغماد))(49).
    وعند عودة محمد بك الشاوي إلى بغداد ومعه المتفاوض الإيراني حيدر خان، وهما يحملان كتاباً مختوماً إلى عبد الله باشا الوالي فيه الخطوط الأساسية لشرط المعاهدة المزمع عقدها بين الطرفين، (( فوجد أنّ الفتنة فيها مستعرة والقتال دائراً نتيجة مكائد عجم محمد ومفاسده، فرأى الوالي برأيه الصائب أن يرسل إلى كلّ ذي سنان وقاضب(50) من آل عبيد سلالة حمير وعلالة تبّع الأصغر والأكبر. فأرسل محمد بن عبد الله بن شاوي إليهم لكونه من الصدور والأمراء عليهم، ولمّا وصلهم منه الرسول أنعموا بالإجابة والقبول، فأقبلوا هابة عليهم للنصر القبول معتقلين كلّ عِسال(51) متقلدين كلّ قصال(52) ممتطين كلّ طرف مقتفين بأيّ طرف))(53).
    وألّف سليمان الشاوي بين النجّادة(54) والموصليين في الكرخ فاستخدمهم لتقوية الجهات الضعيفة، وجمعهم في خان جغان وقام بكافة مصاريفهم، فكثرت جماعته واستعمل كلّ جانب ما لديه من قوة فطالت الفتنة خمسة أشهر(55).
    وفي سنة 1192هـ/ 1778م صدر الفرمان السلطاني بتولية حسن باشا والي شهرزور في بغداد، فاستقرّت الحالة بعض الشيء وبصورة مؤقتة. ولما تأخر قدوم الوالي الجديد إلى بغداد فقد أسندت الوكالة إلى محمد بك الشاوي. غير أنّ عجم محمد انتهز الفرصة فأخذ ينشر الإشاعات والفتن داخل المدينة، وأغرى كثيراً من الناس على الانتصار له، والتفّ حوله جماعة كبيرة من الانتهازيين وخرج بهم من بغداد وعسكر في ضواحيها، فألقى الحصار على بغداد واضطرب سكانها في الداخل وفقد الأمن فيها، وأخذ اللصوص يرتعون فيها ويهجمون على دورها ليلاً ونهاراً. ثم تم التوسط لدى وكيل الوالي وحضر عجم محمد وحبس، ولكنّ وجوه محلة الميدان تكفّلوه حتى يصل الوالي الجديد، فأطلق سراحه وأسكن في القلعة مخفوراً(56).
    كان أحمد أغا بن محمد خليل مستخدماً عند عمر باشا الوالي السابق برتبة رئيس الأغوات، ثم أنه غضب عليه لقصور بدر منه فعزله من منصبه وطرده، فذهب إلى عبد الله باشا الوالي اللاحق ودخل خدمته. وبعد أن توفي عبد الله باشا أعلن أحمد عدم اعتداده بحكومة بغداد الجديدة، وألّف عصابة من المجرمين واتخذ مركزاً لقيادة عصابته الكبيرة محلاّ بالقرب من بعقوبة. وزاد من أنصاره عدداً وأصبح يهدد بغداد تهديداً جدياً. وقبل وصول والي بغداد الجديد حسن باشا أفلح عجم محمد في الإفلات من القلعة التي حبس فيها بمساعدة أتباعه، والتحق هو ومؤيدوه بعصابة أحمد أغا واتفقا على أعمال الشقاوة وأوغلا في النهب والقتل وشنّ الغارات على القرى الواقعة شرقي بغداد، وعجزت الحكومة من إخضاعهما(57).
    وبتسلّم حسن باشا مقاليد الحكم أسرع بتجهيز جيش بقيادة الكتخدا عثمان بك، وأرسله للقضاء على عصابات المتمردين، وقبل أن يتحرك الكتخدا عثمان لمقابلة العصاة أوصل أهالي الميدان خبر تحركه إلى عجم محمد، فما كان منه إلاّ أن يستعدّ للأمر وينقضّ على قوات الكتخدا قبل أن تخف لنجدته خيالة العبيد، فعاد إلى بغداد ومعه حوالي 15خيالاً(58).
    وعلى أثر ذلك استنجد حسن باشا بأحمد باشا الباباني رئيس قبائل البابان الكردية وشدد عليه على بوجوب الإسراع في القدوم، فغادر كردستان متجها إلى بغداد، ولكنه توفي في الطريق، وخلفه شقيقه محمود باشا، وبوصوله تكون لحسن باشا جيش كثيف يتألف من أربعة فيالق:
    1- عشيرة العبيد بقيادة محمد بك الشاوي.
    2- جيش الأكراد بقيادة محمود باشا الباباني.
    3- عسكر بغداد بقيادة الكتخدا عثمان بك.
    4- عشيرة العكيل (العقيل).









    سارت هذه الحملة والتقت بعصابة عجم محمد وأحمد أغا، ولم تعتم أن مزقتها وأخذت تطارد فلولها المهزومة حتى مندلي حيث ظفرت بها هناك وأعملت في رقاب أفرادها السيف، فأفنت معظم رجالها وأسرت نحوا من مائتين. أما عجم محمد وأحمد أغا فقد تمكنا من الفرار مع نفر قليل لائذين بجبال لورستان المنيعة في إيران، وعاد جيش بغداد ظافرا. وغادر سليم سري أفندي بغداد قاصدا الأستانة، حيث وجد لدى وصوله ديار بكر أمرا من السلطان يقضي بحبسه فسجن(59).
    وفي أوائل سنة 1193هـ/ 1779م عاد عجم محمد وزميله إلى أعمال الشقاوة، فانحدرا من جبال إيــران وصـارا يشنان الغارات علــى القـــرى المتاخمــة لبغـداد كما كانا يفعــلان في السابق. وأخذا يقطعان الطرق على التجار والقوافل، وحسن باشا محتار في أمرهما لا يدري ماذا يفعل، إلى أن ضج سكان بغداد بالشكوى ولم يعد في قوس صبرهم منزع، فقرروا فيما بينهم اتخاذ التدابير بأنفسهم واتفقوا على طرد الوالي حسن باشا لما أظهره من عجز وتراخ، وهموا به وكادوا لو لم يفطن إلى الخطر المحدق به، فاهتبل الليل وتستر بالظلام وخرج من بغداد إلى الجانب الغربي منها، وبعد سبعة أيام سار قاصدا ديار بكر بعد أن بقي يحكم بغداد سبعة أشهر.
    ثورة سليمان الشاوي
    كانت أسرة الشاوي في بغداد من أعرق الأسر البغدادية، وقد نبغ منها رجال عظام أسدوا خدمات جليلة للعراق. وكان سليمان الشاوي عميد الأسرة في حينه من أخطر الشخصيات في بغداد، عرف بالشجاعة والكرم ودماثة الطبع وسعة الاطلاع وسداد الرأي، وكانت له الكلمة النافذة بين قومه وسمعة شعبية بين القبائل العربية حول إيالة بغداد بوصفه شيخ مشايخ العبيد. ولم يكن يتكتم من انتقاد حكم المماليك في العراق والشكوى الصريحة من استبدادهم وظلمهم.
    وقد قرب الوالي سليمان باشا عميد أسرة الشاوي هذا، وكان يستشيره في أكثر الأمور ويستنصحه بما حزمه من الأمر وجهل به، وكان موقف الشاوي من الوالي جديا صريحا خاليا من المجاملة والزلفى والتعظيم، بل مشوبا أحيانا ببعض الأنفة والتعاظم، لأنه كان يحتقر في قرارة نفسه أولئك الغاصبين الذين سرقوا خيرات البلاد وحكموها رغم أنف أبنائها.
    سارت الأمور سيرا طبيعيا في الفترة الأولى من حكم الوالي سليمان باشا، ثم ظهر في الأفق بوادر غيوم وأكفهر الجو. فقد أخذ الوالي يفقد تدريجيا نشاطه وحماسته في إدارة أمور الإيالة، وأوكل الموضوع إلى مملوك له اسمه (أحمد أغا المهردار)(61)، وما لبث هذا المملوك المغمور أن سيطر على كل شيء، فلم يعد تفلت من يده صغيرة أو كبيرة، وصار المرجع الأعلى والمقصد الأرفع لكل الزعماء والنبلاء. وكأني بالعميد الشاوي الذي لم يكن يحفل بالوالي نفسه إلا على مضض، فكان يستنكف أن يسير في ركاب هذا المملوك الحقير.
    فما لبث أن اشتدت العداوة بين الاثنين وأخذ الشقاق يتسع بينهما يوما بعد يوم، ثم زاد الطين بلة أن تقريب أحمد أغا قضى على آخر أمل للشاوي بمنصبه الكتخدائية الذي كان يطمح إليه وهو أحق به من غيره باعتباره مدرسة يتخرج منها ولاة بغداد. كما أنه في الوقت نفسه دعامة قوية يرتكز عليها حكم المماليك في العراق، فلا سبيل لسليمان الكبير إلى التفريط به وإناطته بعراقي عربي. وحاول أن يصلح بين الطرفين المتخاصمين ويزيل العداوة والبغضاء فلم تثمر مساعيه، وكان من الطبيعي أن يلتزم جانب المماليك لكونهم بطانته وجنوده المخلصين وبني جلدته(62).
    وبذلك تحرج مركز الشاوي في بغداد ولم يعد يقوى على البقاء فيها وإلا استهدف إلى خطر عظيم، لأن المهردار سريع الضربة عبقري في حياكة المؤامرات. فسارع إلى الفرار لاجئاً إلى هور عكركوف حيث ضرب خيامه هناك، وسرعان ما التفتت حوله قبيلته العظيمة مع قبائل عربية أخرى، وظل على اتصال دائم بأتباعه في بغداد، وكانوا يرقبون له حركات الحكومة والتدابير التي تنوي اتخاذها بحقه.
    وكانت الحكومة قد سيرت حملة عسكرية بقيادة عدوه اللدود أحمد أغا، فلما علم بذلك أمر القبائل المنضمة إليـه بترك مواشيهـم وحوائجهـم في محلهــا ومغادرة مخيماتهـم والاتجــاه صوب الخابور. وبوصول حملة المهردار ورؤيتها خلو المخيم استولت على ما تركته قبائل العبيد وعادت إلى بغداد. وصدر الأمر بتعيين أحمد أغا كتخدا لقاء نجاحه في الحملة (63).
    معركة الفلوجة
    وفي سنة 1200هـ/ 1785م عاد الأمير علي الحمد بالاتفاق مع سليمان بك الشاوي إلى تأجيج نار الثورة مرة أخرى، حيث نظم الأمير سليمان مع الأمير علي الحمد قوات قبيلة العبيد في منطقة سنجار، وانضم إليهم أشقاء الأمير سليمان محمد وعبد العزيز بعد فرارهم من بغداد، وفي الحال زحفت القبيلة على بغداد، فأرسل الوالي حملة بقيادة خالد أغا كتخدا البوابين.
    وفي منطقة الفلوجة دارت معركة عظيمة قادها الأمير أحمد بك بن سليمان بن الشاوي، وهزمت وتقهقرت قوات الوالي إلى الخلف بعد أن تكبدت خسائر جسيمة.
    وواصلت قوات العبيد زحفها نحو بغداد حتى أشرفت عليها وخيمت قريبا من مرقد منصور الحلاج، فارتاعت حكومة بغداد وأحست بدنو النهاية، وكادت المدينة أن تستسلم بعد أن أعلن جانب الكرخ حيث يقيم آل الشاوي تأييده للثورة، وشرع الوالي يجمع ما يستطيع جمعه من المشاة والخيالة والمدفعية، ثم أمر بسوق عدد كبير من سكان بغداد إلى الجندية، وتولى هو القيادة العامة حتى اجتمع لديه قوات متفوقة لمحاربة قوات العبيد(64).
    ودارت معركة ضارية قرب بغداد كانت نتيجتها فشل قبيلة العبيد، عاد على أثرها الأمير علي الحمد وجماعته إلى سنجار، والتجأ الأمير سليمان الشاوي وأتباعه إلى رئيس عشائر المنتفق الشيخ ثويني الذي سارع بإعلان تأييده للشاوي، ثم انضم إلى الاثنين الشيخ حمد الحمود رئيس عشيرة الخزاعل، وبهذا تم اتحاد جميع القبائل العربية التي تسكن الفرات الأوسط والأدنى، وشكلت حلفا قويا أعلن عصيانه على حكومة بغداد.

    تحرير البصرة
    اتجهت القبائل المتحالفة إلى البصرة واحتلتها وطردت متسلمها إبراهيم أفندي وأرسلته مخفوراً إلى مسقط وصودرت أمواله، وبذلك تم للثوار العرب احتلال جنوب العراق برمته. وكان لهذه الموفقيات العربية أثرها السيئ في نفس الوالي، وكالعادة أصدر أمره إلى حكام كردستان بالمعاونة، فأنشغل قدوم جيش إبراهيم باشا الباباني متصرف ألوية كويسنجق وحرير وبابان، وعبدالفتاح الباباني متصرف أدرنة وباجلان بتجنيد المتطوعين وإمداد جيشهما بالعتاد مما أثار غضب الوالي وريبته في أنهما لا ينويان المعاونة، فما كان منه إلا أن قبض عليهما بعد قدومهما إلى بغداد وأقصاهما عن منصبيهما، وعين عبد القادر باشا متصرفا لألوية بابان وحرير وكويسنجق، وعين عثمان باشا بن محمود باشا متصرفاً للوائي أدرنة وباجلان.
    ثم تسلم قيادة جيشي الأكراد بالإضافة إلى جيش بغداد وسار إلى البصرة. وأمر بإرسال سفينتين حربيتين في الفرات لتعزيز جيشه، حتى بلغ عدد جنود الحملة زهاء عشرين ألف مقاتل نصفها من المشاة ونصفها الآخر من الخيالة.
    وفي محرم سنة 1202هـ/ 1787م اصطدمت هذه القوة بالثوار في موقع يعرف بـ (أم الحنطة) بالقرب من مدينة البصرة، ودارت المعركة حامية بين الطرفين انتهت بانتصار الوالي . وقد ترك الثوار نحوا من ثلاثة آلاف قتيل في ساحة المعركة مع غنائم حربية كثيرة. وهكذا قضي على أخطر ثورة عربية قامت في وجه الحكام المماليك في العراق.
    وتوجه سليمان الشاوي مع عشائره إلى البادية ومكث مدة هناك، لا يستقر في بقعة حتى مل حياة التشرد، وأظهر للوالي ندامته وطلب العفو مع الرغبة في الركون إلى السكينة. فقبل الوالي طلبه ومنعه من الإقامة في بغداد، فاختار السكنى في (قره اورمان)(65) وهي من مقاطعاته وضياعه وأمر الوالي بأن تعاد إليه جميع أمواله وممتلكاته المصادرة، كما سمح لباقي أسرته أن يعودوا إلى بغداد(66).
    وفي سنة 1205هـ/ 1790م لجأ عجم محمد بعد عودته إلى بغداد دخيلا لدى الأمير سليمان الشاوي الذي قبل دخالته ودافع عنه بالسيف كعادة العرب في ذلك الزمن، وترك بغداد معه وهرب عجم محمد إلى مصر حيث توفي هناك(67).
    وهكذا عاد الحاج النبيل والعربي المؤمن إلى حياة التشرد والكفاح بعد أن لم يذق طعم الراحة والهدوء، ومن سخرية القدر أن تجعل منه المصيبة في هذه المرة قريناً لخسيس منحط مثل عجم محمد، ويضعه الإباء العربي مع مدجل أفاق في ميزان واحد، ولكنه ماذا يفعل بعد أن أصبح مضطراً لأن يركب هذا المركب الخشن، وللضرورة أحكامها(68).















    ثورة الشاوي الثانية
    أما الأمير سليمان الشاوي فقد أعلن الثورة ثانية ضد والي بغداد، وتمكن عند خروجه مع قبيلته من بغداد من تحرير منطقة الدجيل وسامراء وتكريت، وكافة مناطق الجزيرة وسنجار من السيطرة العثمانية، واتخذت الثورة قاعدة لها في سنجار، ومنها أرسلت المجموعات المقاتلة لقتال العثمانيين في المنطقة والقبائل المتعاونة معهم.
    وفي تلعفر حاولت الحامية العثمانية المتحصنة في القلعة يؤيدها ويعاضدها سكان القلعة ومنهم الماولية والصارلية أن تجهض الثورة في المنطقة. إلا أن قوات أمير طيء فارس بن الحاج محمد تمكنت من محاصرة القلعة وتحجيم دور حامية تلعفر ومصادرة أموال ومحاصيل ومزارع سكانها من الماولية. لكن قوة الحامية كانت أكبر من إمكانيات الأمير فارس بن محمد الطائي، لذا طلب النجدة من زعامة الثورة في سنجار، وسارع علي حمد الظاهر وسليمان الشاوي إلى تلبية نداء الأمير فارس، فأرسلا قوة من عرب العبيد بزعامة الأمير احمد بن محمد الظاهر، وكان مقاتلو القوة من ألبورياش وألبوسيف، ومعهم بعض الأفراد من عشيرة الجحيش الزبيدية.
    تمكنت قوات أمير طيء فارس بن محمد وقوات العبيد من محاصرة القلعة وقطع الماء عنها، والاستيلاء على ممتلكات أهالي تلعفر، ومن ثم إخراج أعداد كبيرة من الماولية والصارلية من تلعفر إلى شرق الموصل ، واستقر معظم أفراد القوة من العبيد في شرق تلعفر على مرتفع يشرف على عين ماء المدينة، عرفت فيما بعد من قبل سكان قلعة تلعفر باسم (عرب كوي) أي محلة العرب(69).
    هزيمة تمر باشا وأمير الموالي
    في سنة 1206هـ/ 1791م اتفق تمر باشا أمير الأكراد الملية مع أمير قبيلة الموالي الأمير الجحجاح بن محمد الخرفان على قتال الحاج سليمان بك الشاوي وعرب العبيد،(70) فالتقاهم الحاج سليمان الشاوي بمن معه والتحم القتال، وقتل من الملية درويش أغا أخو تمر باشا وابن عمه بشار أغا وأسر الجحجاح أمير الموالي وتفرق عسكره وهرب، وقتل منهم جماعة وحمل الأمير الجحجاح إلى عند سليمان بك فأكرمه وخلع عليه وأركبه فرسا جيدة وتعاهد معه على قتل تمر باشا وأطلقه. فتوجه إلى عند تمر باشا وحرضه على قتال سليمان بك، فساروا جميعا للمرة الثانية وتلقاهم الحاج سليمان، فلما التقى الجمعان خانت الموالي وبعض العرب وأحس تمر باشا بالغلب فهرب بنفسه ومعه زوجته وتسعة رجال من أتباعه، وملك الحاج سليمان خيامه وأثقاله وأمواله ونساءه وبناته، واستمر تمر باشا هاربا إلى جهة ماردين، ونزل على أخيه إبراهيم أغا، وأرسل الحاج سليمان بك هدية سنية إلى والي بغداد الوزير سليمان باشا وهي عشرة من الخيل الجياد وسبعة قطرات بغال وستون جملا وخيمة تمر باشا(71).
    مقتل الأمير سليمان بك الشاوي
    وبقي الأمير سليمان الشاوي في الخابور حتى قتل غيلة سنة 1209هـ/ 1794م ،على يد أحد أبناء عمومته (محمد بن يوسف الحربي) بعد شجار بينهم
    وبعد مقتل الأمير سليمان الشاوي تولى باب العرب في بغداد أخواه محمد بك وعبد العزيز بك، وفي هذه الفترة ظهرت الدعوة الوهابية في نجد والحجاز، وحصلت بعض المناوشات بين الوهابيين وأهالي كربلاء والنجف، وبخاصة قتل ونهب قافلة كبيرة من الحجاج الوهابيين قرب النجف سنة 1215هـ/1800م، مما دعا الأمير عبد العزيز السعود إلى توجيه إنذار إلى والي بغداد بدفع دية عن القتلى والمنهوبات، وإلا سيكون في حل من كل ما يفعله أتباعه تجاه العراق.
    وبوصول هذا الإنذار للوالي العثماني أسرع في انتداب عبد العزيز بك الشاوي وأوفده إلى الدرعية لمفاوضة الأمير عبد العزيز وحل الخلاف بطريقة ودية لما عرف عن الشاوي من دهاء وحسن حيلة وطلاقة لسان، فحاول المندوب البغدادي إقناع الأمير لكن تصلب الأخير وتمسكه بمطاليبه ومغالاته فيها جعل الاتفاق مستحيلاً.
    وبعد عام علمت حكومة بغداد بوصول فرقة من الغزاة الوهابيين إلى العراق عن طريق شثاثة جنوب كربلاء، فلحقت بها الحملة العراقية وخيمت أمامها، وكانت القوة العراقية بقيادة محمد بك الشاوي يبلغ عددها ألفي مقاتل، بينما كان الوهابيـون حوالي نصف هذا العدد، فلم يقم الوهابيون بأي التحام ولم يناوشوا هذه القوة،(73) وكانوا يبغون إغراء العراقيين بمطاردتهم في عمق الصحراء الحارة إلى مسافة طويلة فيموتوا من الحر والعطش وقلة الماء، ولكن حنكة الأمير محمد بك الشاوي أنقذت القوات من هذا المصير، وانسحب الفريقان من تلك المنطقة دون قتال.
    وفي سنة 1214هـ/ 1799م أرسل سليمان باشا عبد العزيز بك الشاوي بألف فارس من العرب وسليم بك الباباني بثلاثمائة فارس، فقدموا إلى الموصل وخرج بكر أفندي كتخدا محمد باشا الجليلي بالعسكر، وساروا إلى حرب الشيخان ونهبوا خمسة عشر قرية وقتلوا خمسة وأربعين رجلا، وهرب أمير الشيخان حسن بك إلى الجبال(74).
    وفي سنة 1217هـ/ 1802م وقعت فتنة في بغداد وحاصر الثائرون علي باشا في السراي، ثم عبر علي باشا دجلة وأقام في جانب الكرخ عند العبيد، ونهض في بغداد الأمير محمد بك الشاوي، وجمع الناس من أهل السنة وحملوا الأعلام وهجموا على القلعة وملكوها، وهرب الانكشارية ومن تابعهم من الثائرين، ونهبت الأسواق وبعض بيوت الأهالي.
    لقد صنع آل الشاوي معروفاً كبيراً مع الوالي علي باشا الذي عمل على إبعاد عميدهم سليمان الشاوي عن كرسي الولاية وحل محله، فقد استنجد الوالي سليمان باشا بالمقيم البريطاني في بغداد على أثر ما شاع عن قرب تعيين سليمان بك الشاوي للباشوية، وطلب منه أن يراسل السفير البريطاني لدى البلاط العثماني للحيلولة دون ذلك عن طريق إقناعه بعدم صلاح الشاوي لمنصب الوالي. كما أن علي باشا نفسه كان قد اتصل بالمقيم البريطاني طالبا منه توسط سفيره فــي الأستانة لإقناع الباب العالي بتعيينه خلفا لأب زوجته سليمان باشــا، وقــد عمل السفير جهده لتحقيق ذلـــك (75). وهذا كان ديدنهم فــي كل زمــان.
    قتل محمد بك وعبد العزيز بك الشاوي
    في سنة 1218هـ/ 1803م تحول علي باشا نحو أهل سنجار فحاصرهم وقطع أشجارهم وأهلكهم جوعا وعطشا وهدم مغاراتهم، فطلبوا منه الأمان فشرط عليهم الطاعة فقبلوا الشرط وأمر أن لا أحد يدانيه. وعاد عنهم فلما نزل في مكان قرب تلعفر صرف الأعراب إلى منازلهم وقبض على محمد بك الشاوي وأخيه عبد العزيز بك الشاوي وأعدمهم وحبس أولادهم وحبس ابن أخيهم الحاج أحمد بك بن سليمان بك(76). وكان سبب ذلك أن الوالي كان يعتقد بأن لمحمد الشاوي وأخيه ضلعاً في ثورة أحمد أغا ولم يتعد هذا الظن والتخمين(77).
    ولكن السبب الرئيسي كان نتيجة اتهامهم بتأييد الدعوة الوهابية كذريعة لقتلهما، خاصة بعد أن أصبحت لهما مكانة كبيرة في حكومة بغداد، وتبنيهما دعوة الإصلاح الديني التي لا ترتبط بالوهابية، والتي انطلقت من مدينة الموصل تدعو إلى العودة إلى السلف الصالح، والابتعاد عن المعتقدات الخاطئة عن الإسلام والتي روجها العثمانيون وقبلهم الفرس خلال فترات احتلالهم للعراق. ولاشك أن علي باشا قدر ما ينطوي عليه ذلك من خطر جسيم يهدد قلب العراق، لما كان لعبد العزيز الشاوي ولأخيه محمد من زعامة شعبية ذات مجد أدبي وسياسي وعسكري تليد، وأدى قتلهما إلى ثورة العبيد ثورة هوجاء، اشتد أوارها بتحالفهم مع عبد الرحمن الباباني(78).
    ومن المعروف أن شنق البطلين محمد وعبد العزيز جرى في باب قلعة تلعفر، وأن جثتيهما هرب بها أولاد أحمد بن محمد الظاهر وتولوا دفنهما في مقبرة آل الجبل في تلعفر.
    وقاد الأمير علي الحمد الثورة، مرة أخرى ضد العثمانيين متخذا من جبل سنجار وبادية الخابور معقلا له، يعاضده في ثورته أمراء العبيد : جاسم بك الشاوي، وضامن بن محمد الظاهر وظاهر بن حمد الظاهر، ومحمد بن احمد بن محمد الظاهر وإخوته(79).
    وقد اهتبل تيمور باشا الفرصة للعداوة التي بينه وبين آل الشاوي، كما أراد أن يكسب عطف الوالي فقاد حملة وهجم بها على قبيلة العبيد، فدارت بين الطرفين معركة دموية كان النصر فيها حليف العبيد، وتراجع تيمور مخذولا وقد غنمت العبيد غنائم كثيرة من أتباع تيمور.
    وما أن سمع علي باشا بخذلان حليفه المتطوع حتى خف لمعونته، لكن العبيد انسحبت عن الخابور وعبرت الفرات وتوغلت في بادية الشام(80).







    العبيد وشمر
    أدى توسع الحركة الوهابية سنة 1205هـ/ 1790م وطغيانها على أطراف الجزيرة العربية إلى إزاحة شمر عن مواقعها في جزيرة نجد إلى سهول العراق، حيث لقيت الترحيب من السلطات العثمانية لتتخذها كعون لها ضد الوهابيين، ونتيجة غارات سعود بن عبد العزيز آل سعود على أطراف العراق قتل مطلك الجربا سنة 1212هـ/ 1797م وخلفه أخوه فارس الجربا، واضطرت عشيرة شمر أن تعبر الفرات بعد مزاحمتها من قبل عشائر عنزة، وانساحت في سهول الجزيرة الفراتية حيث زاحمت العشائر القديمة المستقرة في تلك الأنحاء كطي والعبيد والبيات وقيس وغيرها.
    ومما تتناقله العشائر كافة في مجالسها قصص طريفة عن كيفية مجيء شمر بالحيلة بشكل مجموعات صغيرة أولا وتكاثرها تدريجيا حتى تمكنت من العشائر القديمة. فان فارس الجربا لما رأى أن سبل العودة إلى نجد مع عشيرته قد سدت، وان موقفه أصبح مهددا بالخطر لمتابعة السعوديين الهجمات على العراق، عبر الفرات من موقع هيت في أوائل سنة 1216هـ/ 1801م مع أربعين بيتا من عشيرته الخرصة، وتقول روايات أخرى أنه أرسل ابن أخيه المدعو أبنيّة مع جماعته. وكانت السيطرة الكاملة في الجزيرة لإمارتي العبيد وطي، واستقراره فيها كان متوقفا على محاسنة هاتين العشيرتين، فلم يغفل عن هذا فأسرع إلى جوار العبيد أولا ملتجأ إلى حماية أميرها حمد الظاهر، فتلقاه هذا بالترحاب.
    وكانت العادة المتبع
    [right]

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت أبريل 27, 2024 5:19 pm